الموضوع: خمسة بسبعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-12-11, 03:50 AM   #12

أحمد مناور

عضو جديد
 





رد: خمسة بسبعة

حدثني ابي عن جدي عن جده لأمه أن مواطناً حفراويّاً سرق ذات يوم وسرعان ما قطعت يده وعلّقت على دوار ( سوق سارة ) وقال ان المدينة تلك الأيام لم تخرج من الصدمة وقال انه ظهرت اعراض غريبة على المتسوّقين في تلك الأيام حتى أن سائحاً ما ( هفّت ) نفسه على علبة كبريت فقام بلطشها بسهولة وبعد خروجه تذكّر مشهد تلك اليد التي ( تتلولح ) على الأعمده منذ ايام فأعاد الكبريت الى صاحب المحل وهو يتوسّل له أن يستر عليه .!

وكنت يوماً مع ثلة من الحفراويّة في مجلس أحد الأعيان المنهكين من طول الزمان وردائته وأخذنا نخفف عنه ساعة بالقصيد وأخرى بالمصارعة الحرّة حتى انبلج سنه عن شفته التي نسيت الإنفراج منذ زمن ، فهي من كثرة ماقطّب وعقد حاجبية رهان بعض خبثاء الحي أنه لو ابتسم مرّة أخرى سيصاب بشد عضلي في بلاجمه ، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث فقد ابتسم ابتسامة منسيّة ومد ساقه وتراجع بظهره على المركى ثم قال :

آه يابو مناور .. آه لو يعاد الزمن الى الماضي .. ولأنني من انصار المستقبل تمتمت بصوت منخفض : ( الله لا يعيده ) سمعني وخفت أن يقطب حاجبيه لكنه انتخى قائلاً : ( اخو منيفه ) .. تقول وش فيه ؟ ونظر الي نظرة خلت انه سيسحب السيف ليرمي برأسي على طريقة المسلسلات التاريخية التي لا تجيد الا القتل .!

قلت بنبرة المرتبك خوفاً على رأسي .. ( مافيه الا شبابك طال عمرك ) .. لكنه تأوّه هذه المرّه بحسرة وشعرت بطعم الملح في عينيه التي التمعتا فجأه .
قال : ( ابك زمنكم هذا وش فيه ) .. وأخذ يحدثني عن فضائل ذلك الزمان ومافيه من صدق ومحبّة وصفاء نيّة وأمن .. قال ان تلك الأيام لا نعرف شيئاً إسمه السرقة وإن سوق ( المواعين ) يتركون محلاتهم واغراضها في الشارع بعد المغرب ويعودون لها في الصباح وهي كما هي لا احد يجرؤ على لمسها .. فسألته عن السبب .. فقال انها ( الشيمة ) شيمة الرجل تمنعه عن كل شيء فيه دناءة اما الآن ونظر الينا بنظرة وكأنه رتّل الآية واذّن : ( ايتها العير انكم لسارقون ) .!

قلت له انتقاماً من نظرته تلك .. يا ( اخو منيفة ) .. زمننا هذا اجمل وبكثير من زمنكم وليس لك الحق أن تحط من وقتنا واهله فقط لأن السوقه في وقتكم يرمون أغراضهم في عرض الشارع ولا يلمسها أحد فزمننا هذا زمن ( اعقلها وتوكل ) .. نظر الي النظرة ذاتها وقال : توكل ؟ .. ( هالحين يابناخي حتى المتوكل مايسلم ) .. ( الحرامي تقضبوه اليوم ويمرّك باكر يفحط على بيتك ) لا حسيب ولا رقيب .!

قلت له والمحكمة والشرطة والقضاء ..
امال برأسة نحوي وردد بتساؤل المستحيل .. المحكمة .. الشرطة .. القضاء .. والتفت يمنة ويسرة وحرّك بيده من امام شفتيه الممطوطتين بحركة يعرف معناها الجميع .. عندها قلت له يا اخو منيفة : ( برب )

وتفرّق الجمع وهم يبتسمون الاّ أخو منيفة اطال الله عمره شاهداً على العصر .!





.



التوقيع
أحمد مناور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس