وهل كنتُ إمّا أشكل الأمرُ عاجزاً = وكانوا لدى الجُلّى من الحكماء؟
ولستُ فقيراً أحسب المالَ مُسعِداً = وليسوا - إذا فتّشتَهم - بثراء
وهل لهمو جودٌ بما في أكفّهمُ = وإني مدى عمري من البخلاء؟
وهل أصبحوا في حين أمسيتُ مانعاً = يجودون بالنعمى على الفقراء؟
وهل كلُّهم أصحابُ فضل ومنّةٍ = وكنتُ أنا المفضولُ في الفضلاء؟
وهل ضربوا في الأرض شرقاً ومغرباً = وكنتُ مللت اليومَ طول ثوائي؟
وهل كلُّهم أوفَوْا بكل عهودِهم = ومن بينهم قد غاض ماءُ وفائي؟
بَلى أخذوا يستبشرون بعيشهم = سوايَ فقد عاينتُ قربَ بلائي
لقد نظروا في الكون نظرةَ عابرٍ = يمرّ على الأشياء دون عناء
وأصبحتُ في هذي الحياة مُفكّراً = فجانبتُ فيها لذّتي وهنائي
ومن يُطِلِ التفكيرَ يوماً بما يرى = من الناس لم يرتحْ ونال جزائي
ومن يمشِ فوق الأرض جذلانَ مُظهِرًا = بشاشتَه يمرُرْ بكلّ رُواء
تُغنّي على الدوح الوريق حمامةٌ = فيحسبه المحزونُ لحنَ بكاء
وتبكي على الغصن الرطيب يظنُّها = حليفَ الهنا تُشجي الورى بغِناء
ألا إنما بِشْرُ الحياة تفاؤلٌ = تفاءلْ تعشْ في زمرة السعداء