إن الْحَمْدُ لِلَّهِ نحمده و نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وسيئات أعمالنا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
أما بعد.
ففي ضل هذه الفتن المتلاطمة والمتتالية التي يعاني منها أهل السنة في كل زمان ومكان وهذه سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا. قال تعالى( وليمحص الله الذين أمنوا ويمحق الكافرين) وقال تعالى( ليميز الله الخبيث من الطيب)و الفتن بلا شك أنها تمحص وتنقي والسعيد لمن جنب الفتن.والإنسان يستعيذ بالله من الفتنة وخاصة في دينه ولكن إن أتت فاليصبر عليها واليتبع الطرق التي خطها الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة الفتن وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في أزمة المواجهه (لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموه فاصبروا) فنسأل الله أن يعصمنا وإخواننا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. ويعلم الله أننا نتألم من هذه الفتن التي تتالى على دعوتنا من الداخل ومن الخارج.فنسأل الله أن يثبتنا وإخواننا على الإسلام والسنة إلى أن نلقاه غير مبدلين ولا محرفين. فكم ممن كانوا معنا ويدعون بدعوتنا ويكثرون سوادنا أصبحوا اليوم من ألد أعداء هذه الدعوة المباركة وهي دعوة أهل السنة والجماعة الحقه وما أعظم ظلم القريب على النفس وكم ممن كانو يدافعون عن هذه الدعوة وعن رموزها أصبحوا اليوم يحاربونها ليل نهار سراً وجهار والله المستعان وهذه الفتن التي نراها تتزايد علينا. كل منها تأتي بشكل مغاير لأختها وهذه هي البلوى لإن الفتنة الأولى ربما اعتبرت بها لكن الثانية جاءت على غير النمط الذي كنت تتوقعه والله المستعان.
فجاء في مخيلتي وأنا اتصفح بعض الكتب قصة صبيغ بن عسل التي فيها من العبر ما فيها ولعلي اسوقها ثم أعلق عليها ببعض الفوائد.
فعن مولى ابن عمر أن صبيغاً العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين، حتى قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسول بالكتاب، فقرأه، فقال: أين الرجل? قال في الرحل، قال عمر أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني العقوبة الموجعة فأتاه، فقال له عمر: عم تسأل? فحدثه، فأرسل عمر إلي يطلب الجريد، فضربه بها حتى ترك ظهره دبرة ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له، ثم تركه حتى برأ، ثم دعا به ليعود له، فقال صبيغ يا أمير المؤمنين إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً، وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برأت، فأذن له إلى أرضه، وكتب له إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالسه أحد من المسلمين، فاشتد ذلك على الرجل فكتب أبو موسى إلى عمر أن قد حسنت هيئته، فكتب أن ائذن للناس في مجالسته.
الدارمي وابن عبد الحكم
وجاء في بعض الطرق أنه عندما هاجت فتنة الخوراج في أوخر عهد الصحابة قيل له يا صبيغ هذا يومك فقال (نفعتني نصيحة العبد الصالح) ويعني بالنصيحة التأديب.
فهذا الرجل كان يسأل عن المتشابه في القرأن وأصبح يشكك الناس في كتاب ربهم جل وعلى فعندما أدرك الصحابي الجليل عمر إبن العاص رضي الله عنه ضرره وخطره على عقول العوام بعث به إلى ولي الأمر عمر الفاروق رضي الله عنه لكي يؤدبه ويأطره على الحق أطراً ففعل أمير المؤمنين وجلده وأدماه وأمر بهجره ومقاطعته حتى يتوب إلى الله مما كان فيه حتى قيل عنه أنه حسنت توبته وستقام أمره بعد تأديب العبد الصالح له.
فلو نظرنا كيف تعامل الصحابة مع الفتنة استفدنا عدة أمور منها :
1ـ عدم التقدم بين يدي العلماء وولاة الأمر بشئ من خصائصهم
2ـ مكاتبة العلماء وولاة الأمر بأي فتنة طرأت مهما قل حجمها
3ـ أن مصلحة التعزير من خصائص ولي الأمر
4ـ إن التعزير والتأديب قد تكون فيه نصرة للحق وأهله
5ـ وفيها شدت العلماء والأمراء في القضايا التي تخص الدين
6ـ أن الهجر لأهل البدع والمفتنونين فيه مصلحة يعرف وقتها الحذاق
7ـ أن أهل السنة أرحم الناس بالناس
8ـ أن ظهور المفتونين وبعض أهل البدع وقت الفتنة
9ـ أن أهل البدع يستهدفون من كانت به شبهه وزالت عند الفتنة لخصوبة الأرض لها
10ـ قد يكون توبيخ العالم وزجره لبعض المفتونين فيه منافع للمزجور.
11- وفيها سرعة قطع الفتنة وتأديب اصحابها
12- وفيها أن ليس كل سؤال في الدين يسأل أمام العوام الذين لا يفهمون مقاصد الألفاظ
13- وفيها ترحيل وإبعاد من لديه فتنة عن المكان الذي بثها فيه قطعاً لذكره ومحياً لأثار فتنته
14- وفيها رحمة الإسلام بالعفو عمن تاب وأناب
15- وفيها ذكر الجميل لإهله بقوله نفعتني نصيحة العبد الصالح
ولعله يوجد فوائد قد غفلت عنها لكن هذا ما بلغ وسعي وجتهادي فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ولله ورسوله منه براء
وصلي الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخوكم ممدوح السنعوسي الرياض العاصمة حرسها الله
العرض العادي
