بسم الله الرحمن الرحيم
محنكـ
انفصل والديه وهو لا زال بسن الرابعة
ويفتقد حنان الأمومة ، ووالده يعامله بشي
من القسوة ، ويبدو " حنون " ولطيف حين
يكون هناك زوار ، ويعود كما هو حالهُ حين مغادرة
الضيوف . .
وقلما يذهب للشارع ( كون والده صارما )
في قرارته حياله ، ولذا يجلس امام باب
منزلهم ويطالع للأطفال وهم يلعبون ، الا انهُ
بدأ يقترب من الاطفال ويحتك بهم ، وبما انهُ
اغلب حياته لا يحتك بالآخرين ، فهو يفتقد معرفة أشياء كثيره
ولذا " يضحك ويهزا به الصغار " وينادونه بالاهبل
وغير هذا من مسميات تضايق محنك . .
وبينما محنك يلعب ويلهو يوماً لوحده ، ومر بقريتهم
عابري سبيل ، وجلسو تحت ظل شجره للراحة ، وشاهد
احدهم " الطفل محنك يلعب لوحده " واستغرب الامر
ونادى " يا انت ياهذا ياغلام " وأجابه محنك نعم نعم
ماذا تريد ، قال ما اسمك ياهذا ( قال اسمي اهبل ) الاهبل
وما اسم ابيك ( قال اسمه ابي ) قال ادرك بأنهُ ابيك ولكن
ما اسم ابيك ، قال هو اسمه ابي ، صمت الرجل وقال
مابالك لا تلهو مع اقرانك ، قال أحب اللعب لوحدي . .
مسح الرجل على رأسه وقال بل انت " محنك " يافتى
امضي وعد الي مكانك الذي تلهو به ، ومضى محنكاً
وبعد قليل مضى القوم عابري السبيل وذهبو الي حيث
قريتهم . .
عاد الطفل محنك الي المنزل ، وهو يبحث عن والده
اذ لديه سؤال ، ولم يجده واذ به بعد مضي بعض الوقت
يأتي ، قال محنك ابي اريد ان اسئلك ، قال والده وعن ماذا هيا اسئل ( قال ابي ما اسمك ) عهدة الناس ينادونك ابا محنك
واناديك بأبي ولا اعرف ما اسمك ، قال ابيه اقترب اقترب ياهذا ( ويتناوله مخمس الا أذنه لها صفير ) ويذهب محنك الي غرفته وهو
يتألم من ضربة والده له ، ويستلقي على ظهره ويداهمه
النعاس ، ويمضي *1. .
ويخرج من الغرفة ، واذا به يشاهد رجل يجلس
بقرب والده ، قال ياانت ياهذا ( ايكما ابي أأنت ) او انت
قال والده انني لوحدي ( اذهبنا عني لافتحنا بوجهك
مجمع كباري ، هيا انصرف ) وينصرف محنك مستغربا
اذ اعتاد حين وجود اخرين عند والده يكون اكثر لطافه !
. .
ويخرج للشارع واذ يشاهد كل طفل من اطفال القرية
بجانبه اخر يشبهه تماماً ، وينادي احدهم قال مالأمر
من هذا الذي بجانبك ! ، قال ليس بجانبي اي شخص
اجننت ايها الاهبل ، وينادي الاطفال ويجمعهم قال استمعو
ما يقول هذا الاهبل ، انه يقول ...... ، ويضحك الاطفال وهم يرددون " جنن اهبل " . .
محنك ماذا هناك مالأمر ، هل اثر علي " مخمس ابي " او
ماذا حدث لي ، ويقرر محنك على ترك قريتهم واسمها " شرق "
ويتجه لمنزلهم ويأخذ شي من التمر وقطعة خبز ، وينطلق يجري
في الصحراء ويقطع الفيافي ، وقد ناله مانله من الإرهاق والتعب
الا ويشاهد شجرة ويتجه نحوها ويستظل بظلها ويغفو . .
ويصحو صباحا ، على أصوات تبدو بقربه ، وينهض واذ
بشخصان يجلسان ًيتناولون الإفطار ويدعون محنك لمشاركتهم
وبالفعل يلبي دعوتهم ، وحين فرغو من الاكل ، قال احدهم ما اسمك
ياهذا ، قال الاهبل ، وبعد صمت قليل ، ويسئل محنك الرجل
وما اسمك انت ، قال اسمي ( الشنب بن الشجاع المدلل ) ويصمت
محنك ، قال مابالك ايها الاهبل اقول لك اسمي الشنب وتصمت ،
قال وماذا تريدني اقول ، ويلتفت الشنب ابن الشجاع الي الخادم ، قال اربط يدي ذالك الاهبل ، لنذهب به خادماً لقوم بني المدلل ، ويفعل الخادم ما امر به سيده . .
ويصلون لقرية بني المدلل ، ويجعلون محنكاً خادماً لهم ، يرعى أغنامهم ويجلب لهم الحطب ويفعل لهم كل شي . . وبينما محنك
يرعى يوماً الأغنام ، الا ويأتي خادم رئيس قرية بني المدلل ويصحبه طفلين ، ويجلس الخادم واذ بأحد الاطفال يهمس للخادم
، قال يا انت يا اهبل ، ابن الرئيس يرغب بالركوب على ظهرك ليلهو
، ويرفض محنك ذالك ، ويقف الخادم قال أتفعل او أنني ضربتك بهذا السيف وفصلت رأسك عن جسدك ، ويرفض محنك ، ويرفع خادم الرئيس سيفه ، الا وبمحنك يقبض بيده السيف ، ويسلبه من يد خادم الرئيس ، ويرفعه ويضرب به رأسه ويرديه قتيل . .
وينظر ماذا حدث ماذا فعلت ، ويغادر المكان يجري ويجري ، ويصل لمكان مملؤ بالماء ، وكان منظر مهيب لمحنك اذ لم يعهد مشاهدة البحر ، ويرى من بعيد جسما يطفو على سطح الماء ، ويقترب منه شي فشي ، ويقترب منه واذ به يحمل عدد من الاشخاص ، ويقفون بقرب محنك ، وخاف منهم الا انه حين شاهدهم مبتسمون ارتاح بعض الشي لهم ، وينزلون ويجلسون على جال البحر ، وكان حديثهم مع محنك " بالاشارة " اذ لايفهم كل منهم كلام الاخر ، وبينما هم يتبادلون الحديث بالاشارة مع محنك ، واذ به يلمح من هناك أقواما كثيره تتجه نحوهم ، وأصاب محنك الفزع فهم قوم بني المدلل ، ويخبرهم بالاشارة بأن القادمون يريدون قتله ، ويصطحبان محنك معهم على ظهر السفينة ، ويهربون . .
ويقطعون المسافات ، ويصلون الي حيث مدينتهم ، وينزلون ومعهم محنك ، ويذهب متتبعا خطاهم ، الا ويلتفتون له ، قائلين ماذا تريد تتبعنا اذهب الي حيث تريد ودعنا ، ويتركهم محنك بحالهم ، ويجلس بقرب احد المطاعم ، ولم يعهد محنك المطاعم من قبل ولا حياة هؤلاء القوم . .
وتمر الايام ومحنك لا يبرح مكانه قرب المطعم ، والذي اصبح عامل نظافه به ، وشي فشيئا ويتعلم لغتهم ، ويصبح محبوباً لدى صاحب المطعم ، ويرقيه لمحساب ومن ثم مدير للمطعم ، وبعد سنين يصبح المدير العام لسلسة المطاعم العائدة ملكيتها لصاحب المطعم الذي يعمل به محنك . .
ويتزوج ابنت صاحب المطعم ، وبعد مضي ستون عام ، ويشتاق لمضارب قريتهم وأهله ولعل والده لازال حيا ليراه ، ويعرض رغبته على زوجته وابناءه ، ويذهب ابناءه الي مكاتب الحجز ، ويرفضون الحجز لوالدهم كونه لا يمتلك اثبات انتماء ، اذ لم تعد الايام كما في السابق حين قدوم والدهم ، وينهون المهمه بمدة يومين ، ويحجزون له التذكرة . .
وتقلع به الطائرة الي مضارب قريته شرق ، ويجول به فكره الي الوراء ، لأيام الصبى والشباب ، الي حيث مراتع بني المدلل ، الي لحظة هروبه ، ولحظة فصله لرأس خادم رئس بني المدلل . .
وبينما أفكاره تجول واذ بقائد الطائرة يعلن على الركاب ربط الأحزمة ، وماهي الا دقائق وتهبط الطائرة في مطار شرق ، وينزل الركاب ويصطفون امام موظفي المطار ، ويصل دور محنك ويناول موظف المطار " كرت المرور " ويسئله ( اين اثبات الانتماء ، ويشرح له قصته وبعد ان انتهى ) ويهمس رجل المطار بأذن زميله ، وطلب من محنك ان يتبعه ، ويتبعه حتى وصل به مكان يبدو بأنهُ سجن ، قال ماهذا ماذا تفعل ( قال تتدخل ولا تنتاولتك بونيا وضعيت ملامح وجهك ) ويدخل محنك السجن " قضية عدم ايجاد اثبات انتماء " ويمضي عشرون عام ، اضافة لخمسة اعوام قضاها يبحث عن " كفيل " ، وحين بلغ الخامسة والثمانين من عمره ، وتتعاطف معه ادارة المطار ويتم إطلاق سراحه . .
ويتجول بقرية شرق ، فقد تبدلت ملامحها واتسعت وتبدو افضل مما كانت عليه في السابق ، ويلمح من هناك مجموعة اشخاص قريبين منه بالعمر ، يجلسون بظلال احد المنازل المهجورة ، ويلقي عليهم التحية ويجلس معهم ، واذ بهم يتحدثون عن ايام صباهم والطفوله ، ويقص احدهم قصة حدثت له ايام شبابه ، وانهُ مر بهذه القرية وجلس وأصحابه بظل شجرة للراحة ، وانهُ شاهد احد اطفال القرية جالساً يلهو ويلعب لوحده ، وانهُ ناداه وقال ما اسمك وقال اهبل ، وما اسم ابيك قال " اسمه ابي " كم يبدو ذاك الطفل ذكي ومحنك حين أجابني بذالك ( فقال الاخر ماوصاف ذالك الطفل ، وذكرها له ) وقال :- انه " محنك الملقب بالاهبل " . .
وينظر محنك بوجه الرجل جيداً ، وبالكاد يتذكره ، ويستغرب كيف بذالك الرجل لا زال يذكر تفاصيل وقعت قبل عقود مضت ! ، وقد مررت بالكثير من المحطات ونسيت تلك الحكاية والتي هي السبب في اتخاذ قراري بمغادرة قرية شرق . .
ويمر بهم شخص يسئل ( أهذه حارة اهبل المحنك ) قالو نعم ،
قال واين اذا ساحة لعب ( الفتى الاهبل ) ووصفوها له ، ويمضي
ويصرررررخ محنكاً . .
( ايها المتسدحون بالأظله ) مابالكم هو انتم انتم ، تتذكرون المساوئ وتتناسون بأنكم " لم تفلحون كيف تأخذون بيد طفل ، عيبه لم يكن متمكن ًمتمرس بالحياة ، وجعلتموه " اهبل " وهو ليس بأهبل ، اذ حين وجد من يأخذ بيده اصبح " محنكاً وأسماً على مسمى "
أبقو كما انتم " طفولتكم بساحات الحواري ، وشبابكم امنيات وطموحات هي متشابهه ، تريدون عمل يقع جوار منازلكم ، وفي شيخوختكم " تسدح بالأظله " وترديد للماضي . .
وينهض محنك " الا ويصحو من نومه " وما في الامر انه كان يمضي 1* ، من خلال حلم ، نقله لمحطات وامكنه ، والواقع لا زال هو محنك ولا زال هم قومه ، تسدح بالأظله وترديد قصيدة كم فنجال لحنيف صبيت ، متفاخرين بغزوات فنى أبطالها ، وتمضي الأجيال وتأتي اخرى وهم يرددون الحكايات نفسها . .
ما اكثر الطامحون بين ابناء قرى شرق ، الا ان المهبطون اكثر ، ومن هنأ ينتج الركود . .
حفظك الله اخي وأختي يامن مررتم هنا