عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها ، فأطعمتها ثلاث تمرات ، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ، ورفعت إلي فيها تمرة لتأكلها ، فاستطعمتها ابنتاها ، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ، فأعجبني شأنها ، فذكرت الذي صنعت لرسول الله e فقال : " إن الله قد أوجب لها بها الجنة ، أو أعتقها من النار " وفي رواية أخري : " من ابتلي من البنات بشئ فأحسن إليهن ، كن ل سترا من النار "
من فوائد الحديث :
1- بيان ما كانت عليه عائشة – رضي الله عنها – من حب الإحسان والخير والشفقة علي الناس ، ففي بعض الروايات أنه لم يكن عندها غير ما أعطته تلك المسكينة وهذا هو المشهور عنها ، ومن ذلك أن معاوية بعث لها مرة بمئة ألف درهم فما أمست حتي فرقتهن علي المساكين والمحتاجين .
2- في الحديث بيان فضل الإحسان إلي الأولاد ، وخصوصاً البنات ، لأن بعض الناس قد يضجر أن لا يرزق إلا بنات فقط ، وهذا التسخط لا يجوز ، ولذا فقد عاب الله علي أهل الجاهلية ما كانوا عليه من كراهية ولادة البنات ، فقال تعالي : } وإذا بشر أحدهم بالأثني ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ، يتواري من القوم من سوء ما بشر به ، أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ، ألا ساء ما يحكمون {
· قال واثلة بن الأسقع : إن من يمن المرأة – يعني البركة والسعادة – تبكيرها بالأنثي قبل الذكر ، وذلك أن الله تعالي يقول : } يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور { .
· ومن طريف ما يروي في هذا الباب : أن أيمراً من العرب يكني بأبي حمزة ، تزوج امرأة وطمع أن تلد غلاما ، فولدت له بنتا ، فهجر منزلها لشدة غيظة من ولادتها لأنثي ، وصار يأوي إلي بيت غير بيتها ، فمر بخبائها بعد عام ، وإذا هي تداعب ابنتها بأبيات من الشعر تقول فيها :
ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل بالبيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينا ليس لنا من أمرنا ما شينا
وإنما نأخذ ما أعطينا ونحن كالأرض لزراعينا
ننبت ما قد زرعوه فينا
وما أن سمع أبو حمزة هذا القول حتى غلبة حنان الأبوة فدخل البيت وقبل رأس امراته وابنتها .
3- مما يدفع بعض الآباء والأمهات لتفضيل الذكور علي الإناث هو اعتقادهم أن الولد أنفع لهم من البنت ، ولكن هذا ليس دائماً ومطرداً ، ففي بعض الأحيان تكون البنت أعظم براً بوالديها ، وأشفق وأرفق بوالديها من إخواتها ولذا يقول الله تعالي : } آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون ايهم أقرب لكم نفعاً { .
4- لما كان العرب قبل الإسلام يجحفون في حق البنات فإن الإسلام أعاد لهن حقوقهن ، بل ورغب في رعايتهن وإكرامهن ، قال رسول الله e : " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو " ، وضم أصابعة .
5- من تمام الإحسان إلي البنات الحرص علي رعايتهن ، وصنهن ، وتربيتهن علي الطهر والعفاف ، واختيار الأزواج الصالحين لهن ، ومن يفعل ذلك من الآباء والأمهات فهنيئاً له ذلك الأجر الموعود علي هذا الفعل ؛ المباعدة عن النار ودخول الجنة .
منقول